هناك جريدة شيوعية حمراء تصدر في السوق، كتب مؤسسها المعروف بشيوعيته مقالاً يقول فيه: إن السلفيين يريدون أن يعودوا إلى عصور الظلام، فيركبون الحمير والجمال، ويمزقون الشهادات الجامعية، ويأكلون على الأرض، ويسافرون على الخيول، ويحاربون بالسيوف، ويفهمون الآيات فهماً عقيماً.
ويقول في قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]: يقول: حدّث معناها ابتكر، فالتحديث هنا بمعنى الابتكار.
ثم قال في قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريباً) معناه: أنه بدأ غريباً بأن نبيه أمي، وتكلم وكتب وهو لا يجيد القراءة ولا الكتابة، (وسيعود غريباً) بفتوى علماء السعودية مهبط الوحي في فتواهم الغريبة.
فقد تمخّض الجبل فولد فأراً.
فهؤلاء القوم أصحاب علمانية قذرة نتنة، يقطرون حقداً وحسداً على الموحدين.
وحفاظ الأمة من السلف كـ الطبري وابن كثير والسيوطي من علماء التفسير لم يقل أحد منهم بهذا القول، ثم جاء هذا الجهبذ فتمخض وفهم الآية والحديث فهماً جديداً، وهذه مصيبة ما بعدها مصيبة! وكتب أحد العلمانيين أن الأصل في المرأة في الإسلام أن تتبرج، ويستدل بقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30]، يقول: كيف أغض بصري إذا كانت المرأة محجبة؟ فلا بد أن تتعرى المرأة لأغض بصري.
فهؤلاء عقولهم قد تعفّنت، وأنت لست حراً في أن تفهم القرآن بفهمك، فهناك ضوابط لفهم القرآن، ولم يفهم هذا المعنى الصحابة ولا التابعين ولا المفسرين، فالقرآن والسنة يفسران بفهم سلف الأمة.
وفي مجمع البحوث الإسلامية قال أحد أعضائه: إن حد الردة في الإسلام لا أصل له، وأنه يجب أن يلغى، وقدم هذا الاقتراح الدكتور عبد الصبور شاهين، مستدلاً بقول الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة:217].
قال: وهذا معناه: أنه يترك حتى يموت كافراً لا أن يقتل.
وقال: إن حديث البخاري (من بدّل دينه فاقتلوه)، وحديث (لا تحل نفس امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة) خبر آحاد، وأن حديث معاذ بن جبل مع أبي موسى الذي في البخاري أنهما قتلا مرتداً في اليمن لا يُعمل به.
فليس عنده اعتبار للسنة، وأخبار الآحاد لا يعمل بها في العقيدة، وهذه طامة ومصيبة، فقد قال علماء الأمة الشافعي ومالك وأبو حنيفة وابن حنبل والأوزاعي والثوري وغيرهم من علماء الأمة الأفذاذ بقتل المرتد ثم جئت أنت لتأتي بحكم جديد، فلا بد أن يكون لك سلف في قولك، فأنت لست حراً.
والدكتور أحمد وافي في دار العلوم قام ببحث طيب، فقد جمع آراء ابن تيمية التي خالف فيها المذاهب الأربعة وحققها ونسبها إلى عصر الصحابة، وأثبت أن ابن تيمية لم ينفرد بقول، وإنما له سلف في هذه الأقوال، فلا بد أن يكون لك سلف في قولك من الصحابة أو التابعين أو أتباع التابعين، فأنت لست حراً في أن تبتكر فهماً جديداً في النصوص الشرعية.
ونحن لا نريد أن نتتبع كل ما يُكتب، فإن الكتابة الآن قد فتحت على مصراعيها، ويسمونها حرية فكر، ونحن نسميها حرية كفر، وفرق بين حرية الفكر وحرية الكفر، فهم الآن يكتبون ما يشاءون، ويطعنون في القرآن وفي السنة، وفي الصحابة وفي الأشخاص، وفي الثوابت وفي كل شيء، {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [التوبة:10].