يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري رحمه الله تعالى، والباب الثاني والثلاثين، قال رحمه الله تعالى: [باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه).

إذا كان النوح من سنته].

يُعد هذا الباب من الأهمية بمكان، إذ إن الإمام البخاري رحمه الله قد يورد في الباب الواحد أكثر من حديث، كأن يورد سبعة أحاديث في الباب الواحد.

فأما حديث الباب: (الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه)، فقد ردته السيدة عائشة رضي الله عنها، وقالت: إن الله قال: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164]، فكيف يعذب الميت ببكاء أهله وهو لم يفعل أو يقترف شيئاً؟! فأراد البخاري رحمه الله تعالى أن يبين أن الميت يعذب ببكاء أهله إذا كان هذا من سنته، يعني: أنه كان في حياته يوافق على هذا الفعل وما نهى عنه قبل موته، ولذلك فإن هناك أقوالاً للعلماء تقرب من سبعة أقوال في فهم هذا الحديث: فمنهم من قال: (الميت يعذب ببكاء أهله)، أي: يتألم كما يتألم النائم حينما ترفع صوتك بجواره.

ومنهم من قال: إن المراد بالحديث: أنه بمجرد أن يفارق الدنيا يدخل في المرحلة البرزخية.

وسأذكر الأحاديث جملة ثم أبدأ في شرحها إن شاء الله تعالى.

قال البخاري رحمه الله: [(يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه).

إذا كان النوح من سنته.

لقول الله تعالى: {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).

]، أي: أن الراعي سيسأل عن رعيته وعما تفعل.

ثم قال رحمه الله تعالى: [فإذا لم يكن من سنته، فهو كما قالت عائشة رضي الله عنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:164].

وهو كقوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر:18].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015