الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلا زلنا مع صحيح الإمام البخاري في: (كتاب الجنائز)، وسنذكر الباب الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر قبل الشروع في باب: (الثياب البيض للكفن).
قال البخاري رحمه الله تعالى: [باب: (كيف الإشعار للميت)].
يقول البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنا ابن جريج أن أيوب أخبره قال: سمعت ابن سيرين يقول: جاءت أم عطية رضي الله عنها، امرأة من الأنصار من اللاتي بايعن، قدمت البصرة، تبادر ابناً لها فلم تدركه، فحدثتنا قالت: (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته).
وحديث غسل بنت النبي عليه الصلاة والسلام هو العمدة في هذه الأبواب، وهو من طريق أم عطية رضي الله عنها، وأم عطية رضي الله عنها صاحبة الحديث الخاص بالختان في سنن أبي داود، وقد صححه الحافظ ابن حجر والحافظ ابن عساكر والعلامة الألباني، إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وهي تختن النساء: (أخفضي ولا تنهكي؛ فإنه أحظى للزوج وأبهى للوجه).
قالت أم عطية (دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، فإذا فرغتن فآذنني.
قالت: فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه) والحقو هو الإزار، فقد كان يلبسه عليه الصلاة والسلام.
(فقال: أشعرنها إياه ولم يزد على ذلك).
ومعنى: (أشعرنها إياه): أي: اجعلن الإزار يباشر ويمس جسدها رضي الله عنها وقد سبق وأن بوب البخاري رحمه الله تعالى باب: (هل تكفّن المرأة في إزار الرجل؟)، إذ إن النبي عليه الصلاة والسلام خلع إزاره وجعله كفناً لابنته زينب كما في حديث أم عطية رضي الله عنها.