فانصرف جرير مغضبا. وكان جرير يومئذ بالبصرة نازلا على امرأة من بني كليب، فبات في علّيّة لها، وهي في سفل دارها، فقالت المرأة: فبات نيلته لا ينام، يتردّد في البيت، حتى ظننت أنه قد عرض له (جنّي، أو سنح له بلاء) (?) حتى فتح له:
أقلّي اللّوم عاذل والعتابا … وقولي، إن أصبت، لقد أصابا
(حتى قال) (?):
إذا غضبت عليّ بنو تميم (?) … حسبت النّاس كلّهم غضابا
ثم أصبح في المربد فقال: يا بني تميم، قيّدوا: أي اكتبوا، فلم يجب الراعي ولم يهجه جرير بغيرها.
فقال بعض رواة قيس وعلمائهم: كان الراعي فحل مضر، فضغمه الليث، يعني جريرا، وبعد البيت الأول:
أجدّك لا تذكّر عهد نجد … وحيّا طال ما انتظروا الإيابا
أقلى: أمر من الإقلال، ومن القلة. واللوم: بالفتح، العذل. وعاذل:
منادى مرخم عاذلة. ولقد أصابا: مقول القول. وأجدك: أي يجد منك هذا، فنصبه على نزع الباء، قاله الأصمعي. وقال أبو عمرو: معناه مالك أجد منك، ونصبه على المصدر. قال ثعلب: ما أتاك من الشعر من قولك أجدك فهو بكسر الجيم. وإذا قال بالواو، وجدك فهو بفتحها. وقال الجوهري: أجدك وأوجدك بمعنى، ولا يتكلم به إلا مضافا. والأياب، بكسر الهمزة، الرجوع. والبيت شاهد لدخول تنوين الترنم في الفعل والإسم المعرّف باللام.