لَوْ أَنَّهُ جَاءَنِي جَوْعَانُ مُهْتَلِكٍ * مِنْ بُؤْسِ النَّاسِ عَنْهُ الْخَيْرُ مَحْجُوزُ على أن بُؤساً فيه الإدغام للهمزتين، وهو جمع بائس، وهو الفقير، والرواية إنما هي " من جُوَّعِ الناس عنه الخير محجوز ".
والبيتان أول قصيدة لأبي ذؤيب الهذلى، والاولى من شواهد سيبويه، قال الأعلم: الشاهد رفع مكنوز خبراً عن البُر، على إلغاء الظرف، ولو نصب على الحال لكان حسناً، قال السُّكَّرِيّ في أشعاره: قال أبو نصر: ويقال إنها للمتنخل الهذلي، وجواب لو بعد أبيات أربعة، وهو: لَبَاتَ أسْوة حَجَّاج وإخوَتِهِ * فِي جَهْدِنَا أوْلَه شِفٌّ وتَمْزِيزٌ قال شارح أشعار الهذليين: كان نزل بقوم فجُفِي، وكان قراه عندهم الْحَتِيُّ وهو سويق الْمُقْل، والحتي - بالحاء المهملة بعدها المثناة الفوقية على وزن فعيل - والمقل - بالضم -: ثمر الدَّوْم، والْقِرف - بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء -: القشر، يقول: إن أطعمت نازلهم مثل ما أطعموني فلا درَّ دَرِّي، وقوله " لو أنه جاءني جوعان - إلخ " ضمير أنه للشأن وجَوْعان - بفتح الجيم - بمعنى الجائع فاعل جاءني، وروي " جَوْعَانَ مهتلكاً " بنصبهما على الحالية،
فتكون الهاء في " أنه " ضمير نازلهم، والمحجوز: المحروم والممنوع، ومن: بيانية، وعن: متعلقة بمحجوز، وحجاج: ابن الشاعر، والجهد - بفتح الجيم وضمها -: القوت، وأصل معناه الطاقة، وقيل: الضر الذي قد أصابه، وأصل معناه المشقة، والشفِّ - بالكسر -: الفضل، وتمزيز: تفضيل من المِز - بالكسر - أي: يكون له مزَّ على أولادي، يقال: هذا أمَزُّ من هذا: أي أفضل، وكذلك أشَفَّ، يقول: لو نزل بي مثل هذا ما قَصَّرت به ولا أطعمته قشر المُقْل، بل بات عندنا أسوة أولادي، بل كان متميزاً عنهم بزيادة الإكرام.