قيس حتى انتهوا إلى الثرثار، فوجه زفر زيد بن حُمْرَان في خيل إلى بني فدو كس من تغلب فقتل رجالهم واستباح نساءهم، وبعث ابنه الهذيل إلى بني كعب بن زهير فقتلهم قتلاً ذريعاً، وبعث مسلم بن ربيعة إلى ناحية أخرى فأسرف في قتلهم،

وبلغ ذلك بني تغلب فارتحلوا يريدون عبور دجلة، فلحقهم زفر بالكحيل، وهو نهر على أسفل الموصل على عشرة فراسخ، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وترجل أصحاب زفر أجمعون، وبقي زفر على بغلة له، فقتلوهم من ليلتهم، وبقروا بطون النساء، وكان من غرق في دجلة أكثر ممن قتل بالسيف وقوله " ألا سألت غثاء دجلة " الْغُثاء - بالضم والمد -: ما يطفو على الماء من حطب وزبد ونحوه، يريد به من قتل من تغلب، والخامعات - بالخاء المعجمة -: الضباع، وتجوز: تقطع، والأوصال: جمع وصل - بالكسر - وهو مفصل العضو، يريد أنها تأكل قتلاهم، وقوله " ما زلت تحسب إلخ " خطاب للأخطل، وضمير " بعدها " للجزيرة وروي " بعدهم " فالضمير لقيس ومن معهم، وتكر عليكم: تحمل عليكم، وكذا " نشد " بمعناه، وقد أخذ المتنبي هذا المعنى فقال (من البسيط) وَضَاقَتِ الأَرْضُ حَتَّى كَانَ هَارِبُهُمْ * إذَا رأى غير شئ ظَنَّهُ رَجُلاَ وقد كرر جرير هذا المعنى فقال في قصيدة أخرى (من الطويل) وَلَوْ أنَّهَا عُصْفُورَةٌ لَحَسِبْتَهَا * مُسَوَّمَةً تَدْعُو عُبَيْداً وأزْنَمَا والمسومة: الخيل المعلمة في الحرب، وعبيد بالتصغير، وأزنم بالزاي والنون: قبيلتان من يربوع، قال صاحب مناقب الشبان - عند هذا البيت - نظيرُهُ قول جرير أيضاً: * ما زِلت تحسب كل شئ بعدهم * البيت ويروى أن الأخطل لما سمع هذا البيت قال: قد استعان عليه بالقرآن، يعني قوله تعالى: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) والمعنى في الآية بأجل لفظ وأحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015