وقوله " والثاني أن يكون مجر موضعاً - إلخ " قال الأندلسي: والوجه الثاني أن يكون مجر موضعاً على ظاهره، والمضاف محذوف من الرامسات، كأنه قال: كأن مجرجر الرامسات، ويتأكد هذا بأمرين: أحدهما: مطابقة المشبه بالمشبه به، لأن فيه ذكر الموضع أولاً والأثر ثانياً، كما أن المشبه به ذكر فيه الرق أولاً والتنميق ثانياً، والآخر أن المحذوف مدلول عليه بمجر لان مجرا معناه الجر، فلم يقدر إلا بما دلَّ عليه، بخلاف التقدير الأول، فإن المؤدي إليه امتناع استقامته في الظاهر، وهو موجود بعينه ها هنا مع الوجهين الآخرين، ويضعف من جهة أن " ذيولها " تكون منصوبة بمصدر مقدر، والنصب بالمصدر المقدر لا يكاد يوجد، ومن أجل ذلك قدم التقدير الأول، انتهى.
والبيت من قصيدة للنابغة الذبياني، قال بعد بيتين من أولها: تَوَهَّمْتُ آياتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا * لِسِتَّةِ أعوام واذ الْعَامُ سَابِعُ رَمَادٌ ككُحْلِ الْعَيْنِ ما إنْ تُبينُهُ * وَنُؤْيٌ كجِذْمِ الْحَوْضِ أثْلَمُ خَاشِعُ كَأَنَّ مَجَرَّ الرَّامِسَاتِ ذيولها * عليه قضيم نمقته الصَّوانِعُ عَلَى ظَهْرِ مِبْنَاة جَديدٍ سُيُورُهَا * يَطُوفُ بِهَا وَسْطَ اللَّطِيمَةِ بَائِعُ
توهمت: تفرست، وآيات الدار: علامات دار الحبيبة لا ندراسها، واللام بمعنى بعد، ورمادٌ ونؤيٌ استئناف لتفسير بعض الآيات: أي بعض الآيات رماد وبعضها نُؤْي، وإنْ: زائدة، وتبينه: تظهره، وفاعله إما ضمير ديار الحبيبة وإما ضمير المخاطب، والنؤى - بضم النون وسكون الهمزة - حفيرة تحفر حول الخباء، ويجعل تُرَابها حاجزاً لئلا يدخل المطر، والْجَذْمُ بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة: الأصل، والباقي.
والخاشع: اللاطئ بالأرض قد اطمأن وذهب شخوصه، وقوله " كأن مجر الخ " ضمير عليه راجع إلى النؤى، وقال بعض شراح الشواهد: راجع إلى الربع، وليس الربع مذكوراً في الشعر، وإنما قاله على