جريد أو أدم برمله الصوانع: أي تعمله وتخرزه، ومن فسر القضيم بجلد أبيض يكتب فيه كالأندلسي وابن يعيش والجاربردي لم يصب، فإن الصوانع جمع صانعة، والمعهود في نساء العرب النسيج وما أشبهه لا الكاتبة، والمعنى يقتضيه أيضاً، فإن الرَّمْل الذي تمر عليه الريح يشبه الحصير المنسوج، والعرب لا تعرف الكتابة رجالها فضلا عن نسائها، وإنما حدث فيها الخَطُّ والكتابة في الإسلام وقال بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصل: يقول: كأن أثر جرّ الرياح الرامسات ذيولها على ذلك الربع قضيم: أي خطوط قضيم زينته بالكتابة النساء الحاذقات للكتابة، أو كان موضع الرامسات قضيم، شبه أثار جر الرياح بالخطوط في القضيم، أو موضِعَهَا الذي (?) هبّت عليه بالقضيم الْمُنَمَّق، وفي البيت سؤال وجواب، أما السؤال فإن المجَر اسم مكان، وقد عمل في ذيولها، وبيان كونه اسم مكان أنه أخبر عنه بقضيم، ولا يستقيم المجر بمعنى الجر لأنه يؤدي إلى تشبيهه وهو معنى بالرَّقِّ وهو عين، ولا معنى لذلك، والجواب أن اسم المكان لا يعمل باستقراء لُغتهم، وإذا وجدنا ما يخالفه وجب تأويله، وله هنا تأويلان: أحدهما: تقدير مضاف قبل مجر، والمجر مصدر، والتقدير كأنَّ موضع جر الرامسات، وهو خير من تقدير أثر، لئلا يحصل ما هرب عنه من الإخبار بقضيم إذ الأثر يشبه بالكتابة لا بالرق، وغرضنا هنا التشبيه بالرق، ولقائل أن يقول:
لعل من قال إن تقديره كان أثر جر الرامسات قدر قبل قضيم مضافاً محذوفاً، وهو خطوط قضيم، فيصح المعنى، والثاني: أن يكون مجر موضعاً على ظاهره، والمضاف محذوف من الرامسات، كأنه قال: مجرجر الرامسات، هذا كلامه وهو ملخص من شرح المفصل للاندلسي، وقد نقله ابن المستوفي في شرح أبيات المفصل، ورد قوله " تقدير موضع خير من تقدير أثر " بأنه لا فرق بينهما لان أثر الجر وموضع الجر واحد، إلا أن يتوهم متوهم أن أثره ما بقي من فعله، وموضعه مكان فعله، انتهى: