لما ذكر الإمام -رحمه الله تعالى- على عادته الحديث وما يخالفه ذكر الحديث الأول في النقض، ثم أتبعه بالحديث الثاني وهو عدم النقض، فقد يقول قائل: المناسب في الترتيب أن يذكر حديث طلق قبل، ثم يذكر حديث بسرة، يذكر ترك الوضوء، ثم يذكر الوضوء، ثم يذكر الوضوء من مس الذكر؛ لأن الوضوء هو المرجح وهو المتأخر وهو الناسخ، وما تقدم زمناً ينبغي أن يذكر قبل، ثم بعد ذلك يتبع بالناسخ، وهو أيضاً المناسب لكيفية التحمل، فيذكر الخبر الأول ثم يذكر ناسخه؛ لأن الطالب القارئ قد يقرأ الحديث الأول ثم إذا أتبع بما يخالفه إنما يقر في ذهنه المخالف الثاني، الثاني الذي هو إيش؟ المنسوخ، ولا شك أن التقدم الزمني يقتضي أن يذكر حديث طلق بن علي قبل حديث بسرة، يعني كما صنعوا على باب ما جاء في الأمر بقتل الكلاب، ثم بعد ذلك أردفوه وأتبعوه بباب ما جاء أو باب نسخ الأمر بقتل الكلام، أو ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلام، فالمنسوخ متقدم زمناً فيقدم لفظاً والناسخ يؤخر، لكن قد يرد على هذا أن الطالب قد يقرأ الباب الأول ولا يتسنى له قراءة الباب الثاني إلا بعد مدة فيعمل بالحديث الأول المنسوخ، ثم بعد ذلك إذا بلغه الناسخ فيما بعد يكون قد عمل بالحديث الأول وهو منسوخ، يعني كما صنع بعضهم في المثال الذي ذكرته: باب: ما جاء في قتل الكلاب، لما قرأ هذا الباب أخذ آلة مسدس أو نحوه فما رآه من كلب قتله، فلما جاء من الغد وقرأ في الباب الثاني باب: ما جاء في نسخ الأمر بقتل الكلاب، فلو قدم له الناسخ ما حصل له مثل هذا، ولا شك أن هذا إنما يقع لشخص مبتدئ، تفقه على النصوص، قبل أن يتدرج في العلم على الجادة المعروفة عند أهل العلم، الذي يتفقه على كتب الفقه ما يمكن أن يحصل له مثل هذا، لكن من يقال له وهو مبتدئ ويخاطب على أنه مبتدئ وفارغ الذهن من العلم يقال: تفقه من الكتاب والسنة يحصل له مثل هذا، سواءً قدمنا الناسخ أو قدمنا المنسوخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015