شرح حديث: (كُلْ من مال يتيمك غير مسرف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء فيما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم.

حدثنا حميد بن مسعدة أن خالد بن الحارث حدثهم حدثنا حسين -يعني المعلم - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، قال: فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف، ولا مبادر، ولا متأثل)].

أورد أبو داود [باب ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم، يعني: هذا الذي يلي مال اليتيم، ويتصرف فيه لمصلحة اليتيم، هل له أن يأخذ شيئاً مقابل هذا العمل الذي يقوم به؟ إذا كان فقيراً فله أن يأكل بالمعروف، وأما إذا كان غنياً فعليه أن يستعفف كما جاء في القرآن: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:6].

(إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم) يعني أنه قائم على شئونه وله مال.

فقال: (كل من مال يتيمك غير مسرف، ولا مبادر، ولا متأثل).

(كل من مال يتيمك) يعني: فيما هو مقابل عملك، معناه: أنك لا تأكل بدون عمل وبدون مقابل حتى تفنيه وتأكله، فمال اليتيم لليتيم، ولكن إذا عملت عملاً في مال اليتيم لمصلحة اليتيم فلك أجرة على هذا، وهذا في حق من يكون فقيراً، أما من كان غنياً فعليه أن يستعفف، ويكون عمله لليتيم مما يرجو به الثواب من الله عز وجل، والله تعالى ميز بين الغني والفقير فقال: (فليأكل بالمعروف)، والحديث أيضاً بين ما يأكله فقال: (كل من مال يتيمك غير مسرف) يعني: في الأكل، بمعنى: لا يتوسع في الأكل.

(ولا مبادر) يعني: مبادر بلوغه، كما قال: {وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء:6] يعني: أنه لا يبادر إلى التصرف في ماله قبل أن يكبر، ثم يذهب عنه المال عندما يبلغ ويسلم له ماله، فلا يصير في يد الولي، فهو ينتهز فرصة وجوده في يده فيبادر إلى الاستفادة منه.

(ولا متأثل) يعني: لا يأخذ قطعة منه فيجعلها رأس مال له أو يجعلها مالاً له، وإنما أبيح له أن يأخذ شيئاً يجعله من جملة ماله ولا يتموله ويتملكه، وإنما يأكل فقط دون أن يتملك، وهذا إذا كان فقيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015