قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد ومحمد بن العلاء قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً، ولا درهماً، ولا بعيراً، ولا شاة، ولا أوصى بشيء)].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك بعيراً ولا شاة ولا درهماً.
يعني: ما ترك مالاً يورث عنه، ويحتاج إلى أن يوصى به، وأن يكون لأحد دون أحد، لأنه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، فهو ما ترك شيئاً من المال يوصى به، وأما كونه أوصى بوصايا غير المال فهذا موجود، وكان مما أوصى به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه في آخر أيامه عليه الصلاة والسلام، ما جاء عن علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، قال علي رضي الله عنه: وهؤلاء الكلمات هن آخر شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه: أن علياً رضي الله عنه ما سمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سمعه يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)، فهذا مما أوصى به في مرض موته وعند وفاته صلى الله عليه وسلم، وقول عائشة: (ولا أوصى بشيء) يعني: مما يتعلق بالمال؛ لأنه جاء عنه: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، وهذا يدل على أن الإنسان إذا لم يكن عنده شيء يوصي به فإن الوصية لا حاجة لها.