قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في السرية تخفق: حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا: حدثنا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم)].
السرية هي القطعة من الجيش تسند إليها مهمة، فقد تغنم وقد لا تغنم، والمراد بالإخفاق هنا عدم الحصول على الغنيمة، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في ذلك.
وقوله: [(ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة)] معناه أنهم حصلوا أجراً في الدنيا وأجراً في الآخرة وحصلوا ثواباً في الدنيا وثواباً في الآخرة.
قوله: [(فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم)] يعني: أنهم ما تعجلوا شيئاً في الدنيا، وإنما حصلوا الثواب والأجر كاملاً في الآخرة؛ لأنهم لم يحصلوا شيئاً من المغنم الدنيوي فكانت غنيمتهم أخروية، وكانت مكاسبهم أخروية بحتة ليس فيها شيء من الدنيا.
وهذا فيه دليل على أن تحصيل الأجر الكامل في الآخرة إنما يكون بعدم تحصيل شيء من الدنيا في الغزو، وأنه إذا حصل شيء من المغانم في الغزو فإنهم تعجلوا شيئاً من أجرهم، فهذا فيه تسلية للذين لم يحصلوا شيئاً؛ لأن الثواب الجزيل أمامهم وأنهم سيحصلون الأجر الكامل.