قال رحمه الله: [ويعجبني أن يكتب الرجل مع هذه الكتب من رأي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم].
بعدما ذكر قيمة هذا الكتاب، وأحياناً يقول: (الكتب)، ويعني بذلك: الكتب التي اشتمل عليها الكتاب؛ لأن كتابه اشتمل على خمسة وثلاثين كتاباً، فإذا جاء ذكر الكتب في بعض الأحيان فمعناه الكتب التي في داخل الكتاب، وهي كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة وهكذا؛ لأنه مبني على كتب، والكتب يندرج تحتها أبواباً كثيرة.
وهو هنا يقول: إنه مع هذه العناية بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستيعاب هذا الكتاب وشموله لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يعجبني أيضاً أن يطلع الرجل على آراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أقوالهم، ولهذا فإن العلم الشرعي عند العلماء هو قال الله وقال رسوله وقال الصحابة، لأن الصحابة رضي الله عنهم هم خير الناس، وهم أعلم الناس، وهم أعلم من غيرهم وأدرى؛ لأنهم الذين شاهدوا التنزيل، وعرفوا معاني النصوص وتلقوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم من غيرهم وأدرى من غيرهم.
ولهذا يقول ابن القيم رحمة الله عليه في النونية: العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان فبعدما ذكر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه، أرشد إلى أنه ينبغي أن يحرص على كلام الصحابة، وأن يعتنى بكلامهم ويرجع إليه.
وهذا فيه الإشارة إلى منزلة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ومنزلة كلامهم تابعة لمنزلتهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال رحمه الله: [ويكتب أيضاً مثل جامع سفيان الثوري، فإنه أحسن ما وضع الناس في الجوامع].
وهذا فيه أيضاً الإرشاد إلى جامع الثوري والعناية به.