قوله: [(فعرفت أنهم يصمتوني، فقال عثمان: فلما رأيتهم يسكتوني لكني سكت، قال: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي ما ضربني ولا كهرني ولا سبني)].
يحكي معاوية بن الحكم السلمي ما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الصلاة، فيقول: (بأبي هو وأمي) يعني: هو مفدى بأبي وأمي، وهذا ليس بقسم وإنما هي تفدية.
قوله: [(ما ضربني)] يعني: ما أدبه بالضرب على هذا الصنيع.
قوله: [(وما كهرني)] يعني: ما أغلظ له في القول.
قوله: [(وما سبني)] يعني: ما تكلم عليه بكلام يسبه فيه، وإنما قال له صلى الله عليه وسلم: (إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
يعني: لا يحل في الصلاة كلام الناس الذي هو التخاطب فيما بينهم، وإنما الشأن فيها إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وقوله: [(أو كما قال صلى الله عليه وسلم)].
وهذا فيه إشارة إلى أنه لم يتقن اللفظ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أتقن المعنى، فهذه العبارة تقال إذا كان الإنسان لم يتقن اللفظ ولم يضبطه تماماً، ولكنه أتى بمعناه، وأضاف القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة، فيأتي بعدها بقوله: أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذه تستعمل كثيراً في كلام العلماء عندما يحدثون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى، ومن غير ضبط منهم لألفاظه صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلته هذا الحديث عن هذا الصحابي معاوية بن الحكم السلمي رضي الله تعالى عنه.
وكذلك أيضاً جاء مثل ذلك في مقدمة الإمام ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه في ذكر حديث أنس ثم قال في آخره: أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فهذه طريقة اتبعها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبعهم عليها العلماء من بعدهم.
وهذه الفائدة أشرت إليها في سنن ابن ماجة وأوردتها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري وكتب أخرى.