قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)].
أورد أبو داود حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، أي: أن كل واحد يعرض عن الآخر أو يعرض أحدهما عن الآخر والثاني لم يعرض، وهذا غير سائغ، وقد بين عليه السلام أن خيرهما هو الذي يبدأ بالسلام؛ لأنه يدل على سلامته وعلى حرصه على الألفة وعلى بغضه وكراهيته للفرقة، ولذا كان هو الذي يبادر بالسلام، ويبادر إلى إزالة الكدر الذي حصل للنفوس، وذلك بأن يتكلم مع صاحبه، ويعتذر له، أو يأتي بأسلوب يهون ما في نفس صاحبه بحيث تعود المياه إلى مجاريها، ويعود الصفاء إلى ما كان عليه من قبل.
وهذا من المواضع التي يقولون فيها: إن النافلة أفضل من الواجب؛ فإن ابتداء السلام سنة ورده واجب، والسنة هنا خير وأفضل من الواجب؛ لأن الذي فعل السنة هو الذي حصلت له الخيرية، لقوله: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).