قوله: [لو يعلم الجيش يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل].
أي: لنكلوا عن الأعمال الأخرى، وصار اشتغالهم بهم، وفي بعض النسخ: (لاتكلوا على العمل) أي لاتكلوا على هذا العمل، وهو قتال الخوارج؛ لأنهم حصلوا الأجر العظيم بذلك فيتكلون عليه، وهذا مثلما جاء في بعض الأحاديث من التحذير من إخبار الناس ببعض الأمور التي قد تجعلهم يتركون العمل، ومن ذلك ما جاء في حديث معاذ الذي ذكر فيه حق الله على العباد، وحق العباد على الله، قال: أفلا أبشر الناس؟ قال: (لا تبشرهم فيتكلوا).
وهذا فيه بيان أن على الإنسان ألا يغتر بكونه عمل شيئاً مما يتعلق بالوعد، ويغفل جانب الوعيد، وإنما عليه أن يُعمل أحاديث الوعد وأحاديث الوعيد، فيكون خائفاً راجياً؛ لأن بعض الناس يتجه إلى أحاديث الوعد -كما فعلت المرجئة- ويهمل جانب الوعيد، وبعض الناس يتجه إلى أحاديث الوعيد -كما فعلت المعتزلة والخوارج- ويهمل جانب الوعد، والواجب هو الاعتدال والتوسط، فأهل السنة والجماعة يأخذون بأحاديث الوعد والوعيد، فيعملون بجميع النصوص.