قوله: [سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام)].
ما تقدم عنه رضي الله عنه كان تمهيداً لبيان حرصه على رواية ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرصه على أدائه كما سمعه، وأن سقوطه من السماء أهون عليه من أن يكذب على رسول صلى الله عليه وسلم، بل هو يتحرز ويتحرى ويحتاط، ويأتي بالكلام الذي يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحسن وجه، وعلى أتم وجه، احتراماً لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرصاً على أدائه كما سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فبين بعد ذلك هذا الكلام الذي سمعه في الخوارج.
وحدثاء الأسنان هم صغار الأعمار، أي أنهم شبان، ووصفهم بأنهم حدثاء الأسنان معناه أنهم ما تقدمت بهم السن حتى يجربوا الأمور كما جربها وعرفها من تقدم به العمر، فإن الشباب يحصل في بعضهم شيء من التسرع أو الإقدام على أشياء تكون عاقبتها غير محمودة؛ وذلك لأنه ما حصل عندهم الثبات في الرأي، والثبات في الحق.
ووصفهم أيضاً بأنهم سفهاء الأحلام، وذلك مأخوذ من السفه، والأحلام هي العقول، قال تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الطور:32].
قوله: [(يقولون من قول خير البرية)].
هذا يوضح معنى ما سبق فيما تقدم من الأحاديث: (يحسنون القيل ويسيئون الفعل)، فهم يتكلمون كلاماً حسناً أو كلاماً جميلاً, وهو أن عندهم اشتغالاً بالقرآن، وعناية بالقرآن، ولكن حصل لهم الانحراف عن فهم القرآن، فصاروا بلاء على أهل الإسلام وحرباً لأهل الإسلام؛ ولهذا حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منهم وبين فضل قتالهم، وأن قتلهم فيه أجر عظيم وثواب جزيل من الله سبحانه وتعالى.
وخير البرية هو الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم يقولون من قوله، وكذلك يقرءون القرآن، ويشتغلون بقراءته.
وقوله: [(يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)].
قد مر معناه.
قوله: [(فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)].
الخطاب هنا للصحابة ومن يأتي بعدهم، وهذا فيه بيان فضيلة قتلهم، وأن من قتلهم يؤجر على ذلك لأنه ساعد في القضاء على فتنة قامت على الإسلام والمسلمين.