الرؤية هي النعمة العظيمة والفائدة الكبيرة، ولم يجعلها الله لأحد في الدنيا حتى تبقى غيباً، وحتى يستعد كل مسلم للظفر بها والحصول عليها، كما أن أمور الآخرة قد أخفاها الله عز وجل عن الناس ولم يطلعهم عليها ولا على ما في الجنة من النعيم، ولما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة وهو يصلي بالناس، ورأى عناقيد العنب متدلية فمد يده ليتناول قطفاً منها، وكان الصحابة وراءه يصلون، فرأوا يده الكريمة تمتد ولم يروا الذي مدت إليه، ثم إنه عرضت عليه النار فرجع القهقرى ولم يعرفوا لماذا فعل ذلك، ولما فرغ سألوه عن ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: (مددت يدي لآخذ عنقوداً من العنب ثم تركت، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا).
وقد شاء الله عز وجل أن تكون أمور الآخرة غيباً، وألا تكون علانية؛ لأنها لو كانت علانية لم يتميز من يؤمن بالغيب ممن لا يؤمن بالغيب.