رابعاً: ما قدره الله وقضاه، وكتبه في اللوح المحفوظ، هو من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ويمكن أن يعلم الخلق ما هو مقدر بأحد أمرين: الأمر الأول: الوقوع؛ فإذا وقع شيء عُلم بأنه مقدر، لأنه لو لم يقدر لم يقع، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
الثاني: حصول الإخبار من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمور تقع في المستقبل، مثل إخباره عن الدجال، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى بن مريم، وغيرها من الأمور التي تقع في آخر الزمان، فهذه الأخبار تدل على أن هذه الأمور لابد أن تقع، وأنه سبق بها قضاء الله وقدره، ومثل إخباره عن أمور تقع قرب زمانه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك ما جاء في حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن إلى جنبه، ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين) رواه البخاري، وقد وقع ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عام واحد وأربعين للهجرة، حيث اجتمعت كلمة المسلمين وسمي عام الجماعة، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فهموا من هذا الحديث أن الحسن رضي الله عنه لن يموت صغيراً، وأنه سيعيش حتى يحصل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الصلح، وهو شيء مقدر علم الصحابة به قبل وقوعه.