ثالثاً: الإيمان بالقدر له أربع مراتب لابد من اعتقادها: المرتبة الأولى: علم الله الأزلي في كل ما هو كائن، فإن كل كائن قد سبق به علم الله أزلاً، ولا يتجدد له علم بشيء لم يكن عالماً به أزلاً، وقد سبق إيضاح هذه المرتبة عند الكلام على صفة علم الله في الفقرة رقم سبعة.
الثانية: كتابة كل ما هو كائن في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء) رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
الثالثة: مشيئة الله وإرادته، فإن كل ما هو كائن إنما حصل بمشيئة الله، ولا يقع في ملك الله إلا ما أراده الله، فما شاءه الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال الله عز وجل: {َإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة:117]، وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:29].
الرابعة: إيجاد كل ما هو كائن وخلقه بمشيئة الله وفقاً لما علمه أزلاً، وكتبه في اللوح المحفوظ، فإن كل ما هو كائن من ذوات وأفعال هو في خلق الله وإيجاده، كما قال الله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد:16]، وقال {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96].