قوله: (اليوم الآخر) وهو الذي بعد اليوم الأول، أي: الدنيا، والحد الفاصل بين الدنيا والآخرة الموت، فكل من مات انتقل من الدنيا إلى الآخرة، وهذه الآخرة فيها حياة برزخية، وحياة بعد البعث، ولكنها كلها على طريقة واحدة من ناحية أنها دار جزاء وليست دار عمل، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما ذكره البخاري عنه في كتاب الرقاق: إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
الحساب يبدأ بالموت، والعذاب يبدأ بالموت؛ لأن الإنسان يعذب في قبره، سواءً كان كافراً أو مسلماً استحق العذاب.
ويدل على عذاب الكفار في القبور قول الله عز وجل عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] وبالنسبة للمسلمين ما جاء في قصة الرجلين اللذين كان أحدهما لا يستبرئ من البول، وكان الثاني يمشي بالنميمة، وقد أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على سبب عذابهما في القبر، ووضع جريدتين على قبريهما، وقال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).