وقد ذكر في الحديث أن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري خرجا من العراق حاجين أو معتمرين، أي: سافرا إلى مكة في حج أو عمرة، فكان من مهمتهم بالإضافة إلى كونهم يؤدون هذا النسك أنهم يتفقهون في الدين، وأن يخبروا بما حصل عندهم من أمور منكرة، فيرجعون في ذلك إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين يرجع إليهم في معرفة الأحكام الشرعية في زمانهم؛ لأنهم شاهدوا التنزيل ورأوا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وسمعوا حديثه.
وفي هذا دليل على حرص التابعين على لقي الصحابة، وسؤالهم عن الأمور المشكلة.
قوله: [(خرجنا حاجين أو معتمرين)]، شك أهو حج أو عمرة.
قوله: [(فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله)].
أي لعلنا نلقى أحداً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فنبدي هذا الذي ظهر في بلادنا.
قوله: [(فوفق الله لنا عبد الله بن عمر)] يعني: أنه حصل أنهما لقيا عبد الله بن عمر وهو داخل المسجد فاكتنفاه عن يمينه وعن شماله، قال يحيى بن يعمر: (فظننت أن صاحبي سيكل الحديث إلي)، أي أنه فهم من صاحبه حميد بن عبد الرحمن الحميري أنه واكل الحديث إليه ليبدأ بالكلام ويسأل، وكانا قد اكتنفاه حتى كان كل واحد منهما على تمكن من سماع كلامه، وما يجيب به، واستيعابه، بحيث لا يفوته منه شيء، ثم أيضاً هذا الاكتناف يدل على حرص التابعين على الاستفادة من الصحابة.