أورد أبو داود رحمه الله هنا حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو حديث جبريل المشهور، وهو مشتمل على الإيمان بالقدر؛ وأنه أحد أصول الإيمان الستة، التي أجاب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال جبريل عن الإيمان فذكر: (وتؤمن بالقدر خيره وشره).
وحديث جبريل هذا حديث عظيم، بين النبي صلى الله عليه وسلم في آخره أن جبريل جاء يعلم الدين، وكان تعليمه للدين بإلقائه السؤال على الرسول صلى الله عليه وسلم فأضاف إليه أنه معلم للدين؛ لأنه سأل أسئلة ويريد من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب عليها، حتى يتعلم الناس الذين عنده الدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأضيف التعليم إليه كما هو مضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي أجاب وهو الذي بيّن، وقد كان جبريل عالماً بالجواب، ولكنه أراد أن يسأل حتى يسمع الحاضرون الجواب.
وقد أورد ابن عمر رضي الله عنه الحديث بطوله من أجل الاستدلال على الإيمان بالقدر، وهذه طريقة الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فقد كانوا إذا سئلوا أحياناً يجيبون، وأحياناً يأتون بالدليل، وأحياناً يأتون بالدليل دون الجواب اكتفاءً بالدليل؛ لكن ابن عمر رضي الله عنه بيّن حكم القدر وشأنه وأيضاً ساق الحديث الطويل كله من أجل قوله: (وتؤمن بالقدر خيره وشره).
وفي هذا أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا إذا سئلوا عن شيء ساقوا الحديث الطويل من أجل اشتماله على جزئية معينة؛ لأنهم بهذا الجواب يعطون السائل ما سأل ويزيدونه على ذلك أموراً أخرى.