قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر قال: وقال الزهري: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14] قال: نرى أن الإسلام: الكلمة، والإيمان: العمل].
وفي الإسناد السابق قال: وأخبرني الزهري، فجاءت بالواو، والأصل والغالب أن يأتي بدون واو (أخبرني)، والمراد بالإتيان بالواو هناك أنه قد حدثه بحديث آخر، ثم حدثه بهذا الحديث، فترك المعطوف عليه وأتى بالمعطوف الذي هو المقصود وفيه محل الشاهد.
وأورد أبو داود هذا الأثر عن الزهري قال: نرى أن الإسلام: الكلمة، والإيمان العمل.
فالإسلام: الكلمة، أي: النطق والكلام، فهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأما الإيمان فيكون بالعمل، وليس الوقوف عند كلمة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فقول الزهري رحمه الله: الإسلام: الكلمة، أي: القول، فالإنسان يدخل الإسلام بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وهذا فيما يظهر للناس، وأما البواطن فعلمها عند الله عز وجل، وأما الإيمان وهو العمل، فيدخل فيه عمل القلوب وعمل الجوارح، ومعلوم أن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب، كالخشية والرجاء وما إلى ذلك، فإن الجوارح يكون فيها التنفيذ كما جاء في حديث النعمان بن بشير الذي أشرت إليه آنفاً: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)، وكذلك قول بعض السلف: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وقرته القلوب، وصدقته الأعمال.
قوله: [حدثنا محمد بن عبيد عن ابن ثور عن معمر قال: وقال الزهري].
الزهري مر ذكره، وهذا الأثر مقطوع، وهو المتن الذي ينتهي إلى التابعي أو من دونه، وهو غير المنقطع؛ لأن المنقطع من صفات الأسانيد، وأما المقطوع فهو من صفات المتون، فالمنقطع هو سقوط في أثناء الإسناد.