قوله: [(إني أعطي رجالاً وأدع من هو أحب إلي منهم لا أعطيه شيئاً؛ مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم)]، فهذا يدل على أن من لا يعطى ليس ذلك لكونه لا يستحق، وإنما قد يعطى من هو دونه لأنه يخشى عليه، لذلك فهو يؤلف قلبه بالإعطاء، وليس هناك مجال لإعطاء الجميع.
فالأولى ألا يقال لشخص بأنه مؤمن، بل يقال له: مسلم، وإذا قال إنسان عن غيره: إنه مؤمن على اعتبار أنه عنده قوة إيمان، وأنه معروف بكثرة الأعمال الصالحة فلا بأس، لكن المحذور أن يقول الإنسان عن نفسه: إنه مؤمن، ففي هذا الحديث قال ذلك عن غيره، فالأدب والوصف الذي ليس فيه إشكال أن يقال: هو مسلم، والمشهور عند أهل السنة -كما عرفنا- هو التفريق بين الإسلام والإيمان، وأن الإيمان أكمل من الإسلام، وأعلى درجةً منه، وبعضهم يقول: إن الإسلام هو الإيمان، واستدلوا بقوله عز وجل: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات:35 - 36] وهذه تتعلق بقوم لوط الذين استثنوا من الهلاك، فوصفوا بأنهم مسلمون ومؤمنون، إذاً فالإسلام هو الإيمان، لكن يقول ابن كثير: إن هؤلاء المؤمنين وصفوا بأنهم مسلمون، فالإسلام يدخل في الإيمان، ومن كان مؤمناً فإنه يصدق عليه أنه مسلم، لكن ليس كل مسلم يقال عنه: مؤمن، وهذا هو الذي نهى الله عنه الأعراب حيث قال: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14]، فهؤلاء الذين نجاهم الله مع لوط هم مؤمنون ومسلمون؛ لأن كل مؤمن مسلم، فقد جمعوا بين هذين الوصفين، ولا يصح العكس فليس كل من كان مسلماً يقال عنه: مؤمن، ولهذا أنكر على الأعراب قولهم: آمنا، وأمروا أن يقولوا: أسلمنا، ولكن من كان مؤمناً فهو مسلم.