قوله: [قال هارون بن تميم: عن الحسن قال: الأبوال كلها سواء].
يعني أن الأبوال للكبار والصغار والذكور والإناث هي سواء، فإن كان المراد بأنها كلها نجسة فهذا صحيح، وإن كان المراد أن حكمها واحد في الغسل فهذا ليس بصحيح؛ لأن الحديث فرق بين بول الجارية وبول الغلام، بأن الجارية يغسل غسلاً وحول الغلام ينضح نضحاً ويرش رشاً.
وبعض أهل العلم ذهب إلى مقتضى الحديث من حيث التفريق بين الجارية والغلام بأن يرش بول الغلام ويغسل بول الجارية، وبعضهم سوى بين بول الجارية والغلام فذهب إلى أن كليهما يغسل غسلاً، ولكن الأخذ بما دل عليه الحديث والعمل بمقتضى الحديث هو الذي يصار إليه وينفذ؛ لأن التفريق جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فقول الحسن البصري: (الأبوال كلها سواء)، إن كان المقصود به النجاسة فنعم كلها سواء، وإلا فإن أبوال الحيوانات منها ما يكون طاهراً ومنها ما يكون نجساً؛ لأن ما يؤكل لحمه بوله طاهر وليس بنجس، كالإبل والبقر والغنم، فكل ما يؤكل لحمه بوله طاهر ليس بنجس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين الذين جاءوا واجتووا المدينة أن يذهبوا إلى إبل الصدقة فيشربون من أبوالها وألبانها، فإذنه لهم بأن يشربوا من أبوالها يدل على أن بول مأكول اللحم طاهر وليس بنجس؛ لأنه لو كان نجساً لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم بشربه؛ لأنه لا يتداوى بحرام كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يتغذى بحرام كما جاء بذلك الكتاب والسنة، إلا ما دعت إليه الضرورة مثل أكل الميتة من أجل إنقاذ النفس عندما يشرف المرء على الهلاك أو يخشى الهلاك وليس هناك إلا الأكل من الميتة، فيأكل بمقدار ما يسد حاجته، فهذا جاء به الكتاب والسنة وجاءت به الشريعة.
وأما الآدميون فأبوالهم نجسة، ولكن فرق بين الغلام والجارية، فالغلام الذي لم يأكل الطعام يكفي في إزالة نجاسة بوله الرش والنضح، وهذا تخفيف وتيسير في إزالة تلك النجاسة، بخلاف غيرها من النجاسات، فإنها تحتاج إلى غسل ولا يكفي فيها الرش، إلا فيما يتعلق بالمذي على الثوب فإنه يرش تخفيفاً.
قوله: [قال هارون بن تميم عن الحسن].
هارون بن تميم ما وقفت له على ترجمة.
والحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.