إذا قال قائل: هل الصحابي أو غيره إذا روى الحديث بالمعنى يناله فضل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (نضر الله امرأً) مع أنه رواه بمعناه؟
صلى الله عليه وسلم إذا كان لا يتمكن من اللفظ فإن الله عز وجل يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]؛ لأن المقصود اللفظ والمعنى جميعاً، فإذا تعذر الإتيان باللفظ وهو متقن المعنى فإنه يأتي به ولا يتركه، فما دام أنه أتقن المعنى فيأتي به، وأما إذا كان متقناً اللفظ فلا ينبغي له أن يعدل عنه إلى غيره، بل يتمسك به ويحافظ عليه؛ لأن المحافظة على كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم والاستخراج منه والاستنباط منه لا شك أن هذا هو الأساس وهذا هو الأصل، لكن إذا لم يمكنه الإتيان باللفظ وهو متقن المعنى فإنه يأتي به بالمعنى.
ومن الذين اعتنوا بالألفاظ والمحافظة عليها من المحدثين الإمام مسلم رحمة الله عليه، فإنه اعتنى في كتابه بالمحافظة على الألفاظ وعدم الرواية بالمعنى، فكان يحافظ على الألفاظ ويحرص عليها ولهذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب: قلت: حصل للإمام مسلم حظ عظيم ما حصل لغيره في العناية بالمحافظة على الألفاظ وعدم الرواية بالمعنى، وذكر شيئاً من الثناء عليه في هذا الباب، ثم قال: وقد حاول جماعة من النيسابوريين السير على منواله فلم يفعلوا شيئاً، يعني: لم يبلغوا مبلغه ولا فعلوا مثلما فعل.