Q هل الإسراء والمعراج كان في ليلة سبع وعشرين؟ وما حكم إحياء تلك الليلة؟
صلى الله عليه وسلم الإسراء والمعراج ليس له ليلة معينة معروفة؛ لأنه لم يثبت شيء يدل على أنها ليلة سبع وعشرين، أو أنها غير ليلة سبع وعشرين، ولو ثبت أنها ليلة سبع وعشرين، فإنه مع ذلك لا يجوز أن تخص بشيء لم تأت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحق إنما هو باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تميز ليلة من الليالي إلا إذا جاء فيها فضيلة وتمييز عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأعمال التي يتقرب فيها إلى الله عز وجل لابد أن تكون مشتملة على أمرين: أن تكون خالصة لوجه الله، وأن تكون مطابقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد من الإخلاص ولابد من المتابعة، لا بد من تجريد الإخلاص لله وحده، ولا بد من تجريد المتابعة للرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فإذا توافر الشرطان كان العمل مقبولاً ونافعاً، وإذا اختل أحدهما فإنه لا يقبل بل يكون مردوداً.
فإذا فقد الإخلاص وإن كان العمل مبنياً على سنة ومطابقاً للسنة، فإنه يكون مردوداً؛ لقول الله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان:23]، وفي الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، وإن كان العمل خالصاً لله، ولكنه ليس على السنة فإنه يكون مردوداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق علي صحته عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، وفي لفظ لـ مسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
وتجريد الإخلاص لله وحده هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فلا تخص ليلة من الليالي بعمل لم تأت به السنة؛ لأنه لو كان ذلك العمل خيراً لسبق إليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يحصل ذلك منهم، دل على أنه ليس بحق، وأن الحق إنما هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
إذاً: من البدع تخصيص ليلة معينة بأنها ليلة الإسراء والمعراج، وتخصيصها بعبادة، وتخصيصها بعمل، ولو كان ثابتاً أنها ليلة سبع وعشرين ثم خصصت بعمل، فإن ذلك لا يجوز، فكيف ولم يثبت أنها ليلة سبع وعشرين! الحاصل أن الأعمال لابد أن تتبع فيها السنن، ولابد أن تكون مطابقة لما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وإلا فإن إحداث شيء ليس على نهج الرسول عليه الصلاة والسلام يعتبر من البدع المحدثة، والنبي صلى الله عليه وسلم رغب في السنن، وحذر من البدع، فقال عليه الصلاة والسلام: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
فهذه من البدع المحدثة ولشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة مشتملة على أمور متعددة، فيما يتعلق ببدعة المولد، وبدعة الإسراء والمعراج، وبدعة إحياء ليلة النصف من شعبان، وكذلك ما يتعلق به برؤيا خادم الحجرة النبوية الذي يقال له: أحمد، وهي كذب وافتراء، وطبعت هذه الرسائل الأربع في كتيب باسم (التحذير من البدع).