وكل صحيح. قال ابن عطاء الله في الحكم نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكون منهما نعمة إيجاد ونعمة إمداد أنعم عليك أو لا بالإيجاد وثانياً بتوالي الإمداد انتهى.
(وصوره في الأرحام بحكمته) التصوير: التخطيط والتشكيل والأرحام جمع رحم وهي المشيمة التي يكون فيها الولد إلى خروجه سميت بها الارتحام المولود بها قبل خروجه للدنيا وقيل: جمعها هنا باعتبار أفراد الخلق وقيل باعتبار الظلمات الثلاث والله أعلم.
والحكمة الصفة المقتضية للإتقان فهي أخص من العلم.
(وأبرزه إلى رفقه وما يسره له من رزقه): أبرزه أظهره وأخرجه من العدم إلى الوجود ثم من الوجود الغيبي إلى الوجود العيني وما أظهره فيهما إلا لظهور رفقه وجريان رزقه إذ رفق به في بطن أمه فحفظ وجوده حتى جعل وجهه لظهر أمه لئلا يتأذى بحر غذائها ورفق به بعد خروجه بأن جعل حجرها مهاداً وثديها سقاء إلى غير ذلك ورزقه في بطنها ما يتغذى به من دم الحيض وغيره وبعد خروجه ما يجري له من لبن فما في قوله وما يسر موصول بمعنى الذي أي والذي يسر وهيأ وأعد بمعنى وفيه أن الرزق معد قبل بروز الوجود وهو صريح في الحديث إذ قال: فيكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد وهو في بطن أمه والرزق كل منتفع به حلالاً كان أو حراماً لقوله تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} [هود: 16].
وقد علم أن ثم من لم يأكل قط حلالاً، ولا يأكل أحد رزق أحد وقد قالت المعتزلة الحرام ليس برزق وهو مردود بما يطول ذكره فانظره وضمير رزقه يحتمل عوده للميسر وللميسر له والثاني أظهر والله أعلم.
(وعلمه ما لم يكن يعلم) أي وعلم الله الإنسان ما لم يكن عالماً به قبل لأنه ولد جاهلاً لقوله تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} [النحل: 78] وذكر في هذه الآية أن أصل وجودنا الجهل وأنه تعالى الذي خلق لنا ما يتوصل به إلى العلم وهو السمع والبصر والفؤاد وذكر حكمة ذلك بقوله تعالى {لعلكم تشكرون} [البقرة: 52] فتضمن أن ذلك كله نعمة يجب الشكر عليه والله أعلم.