وهي على ما روي شجرة تحت العرش تشبه الرمانة ورقها على عدد بني آدم مكتوب في كل ورقة عمر صاحبها وملك الموت ينظر إليها.
فإذا اصفرت ورقة إنسان علم قرب أجله، وإذا سقطت فقد استوفى، ثم إن سقطت لوجهها فشقي، وإن سقطت على ظهرها فسعيد، والله أعلم.
وقوله (ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين).
يحتمل أن يريد ولا تسقط من حبة رطبة ولا يابسة أو ما يكون من حبة رطبة ولا يابسة أو لا يكون من رطب ولا يابس حبة أو غيرها إلا كتاب هو اللوح المحفوظ مبين مفصح عن ذلك وقيل الكتاب المبين علم الله والحبة عبارة عن أقل القليل واختلف في الرطب واليابس فقيل عام في كل شيء مما لان وقسا وقيل الرطب قلب المؤمن واليابس قلب الكافر.
وقيل الرطب أهل المدائن واليابس أهل البادية وظلمات الأرض ما تحت تخومها وأسفل سافلين والمقصود إثبات علمه تعالى بما دق وجل واتباع القرآن في ذلك إذ قال تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: 59] بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويبصر حركة الذر في جو الهواء ويطلع على هواجس الضمائر وخفيات السرائر بعلم قديم قائم بذاته لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول – والانتقال تعالى ربنا عن ذلك علواً كبيراً.
(على العرش استوى وعلى الملك احتوى له الأسماء الحسنى والصفات العلي).
وقع ذكر الاستواء على العرش في ستة مواضع من كتاب الله تعالى فقيل إن في ذلك من المتشابه الذي ينزه عن المحال ولا يتعرض لمعناه وهو مذهب السلف وجماعة من الأئمة وحمل عليه مذهب مالك إذ سئل عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فقال الاستواء معلوم والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة فقوله معلوم يعني في كلام العرب له مصارف، وقوله والكيف غير معقول نفي لما يتوهم فيه من محتملاته الحسية إذ لا تعقل في حقه تعالى وقوله والإيمان به واجب؛ لأنه ورد