فأما من يعتريه ذلك من وسوسة يعتقد نقصها وأن ما يفعله من ذلك مخالف لأصل السنة.
فلا يصح كونه بدعة أصلها جهل بالسنة وخبال في العقل، ثم البدعة تارة تكون مندوبة وتارة تكون مكروهة ولا يمكن أن يبلغ بها حد التحريم لأنها لم تعارض واجباً ولا رفعت حكماً أصلياً وقد نص في النوادر على الكراهة ثم آفة ذلك من جهات هي أنه ربما اتكل عليه وفرط في الدلك وأبطأ به الحال عن جماعة أو غيرها أو ضر بغيره في الماء لطهارة أو نحوها أو يفقد الماء فلا يمكنه إحكام الطهارة لألفه الكثير أو يبقى مشوش القلب من استعمال القليل قالوا أو يورث الوسواس ولا يمكن معه زوال الشك.
وقد جربنا ذلك كله فصح.
(فائدة) فال مشايخ الصوفية لا تعتري الوسوسة إلا صادقاً لأنها تحدث من التحفظ في الدين ولا تدوم إلا على جاهل أو مهوس لأن التمسك بها من اتباع الشياطين وهذا معنى كلامهم وهو واضح صحيح وبالله التوفيق.
(وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمد وهو وزن رطل وثلث).
يعني بمقدار مد من ماء أي ما يسعه من الطعام لأن قدر المد من الماء يسير جداً ومن الطعام أضعافه قاله في العارضة والرطل اثنا عشر أوقية والأوقية عشرة دراهم وثلث والدرهم خمسون حبة وخمس حبة من الشعير الوسط وسيأتي ذلك من الزكاة إن شاء الله.
(وتطهر بصاع).
أي بقدر صاع على معنى ما يسعه من الطعام كما تقدم في المد وهو أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم وقدره خمسة أرطال وثلث بالرطل المذكور فوقه قال بعض الشيوخ وذلك بعد إزالة الأذى.
وقد روى أنه كان يغتسل هو وعائشة رضي الله عنها من إناء يقال له الفرق وهو يسع ثلاثة أصوع.
وفي حديث عبد الله بن زيد أنه قال أتى عليه السلام بثلثي مد فجعل يذلك به ذراعيه رواه أحمد وصححه ابن خزيمة فهو حجة لمن رد على ابن شعبان في قوله لا يجوز الاقتصار على دون المد والصاع وقال بعض شيوخ الشافعية في التثليث بالمد