الوجه الثاني: لو سُلّم تحسينه، فإنه لا يقوى على معارضة ما هو أصح منه؛ لأن الحديث الحسن لا يعارض الصحيح.
ثم إن دعوى النسخ للتحريم محتملة، لأننا لا ندري أيهما سبق، وخلال الشهر، والشهرين قد يطرأ التشريع، خاصة وأن حديث الجمهور يفهم منه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يرون تحريم الانتفاع، ثم نصّ عليه الصلاة والسلام على حلِّه، وحينئذ يكون دعوى نسخ التحريم أقوى من دعواهم لنسخ الحلِّ.
وعل كلٍ فليس هناك ما يدل على النسخ صراحة، وكونه قبل الوفاة بشهر، أو شهرين لا يستلزم النسخ مع ما في الحديث من ضعف الإسناد.
فالمصنف -رحمه الله- مشى على المذهب المرجوح، وهو: أنه لا يطهر جلد الميتة بالدبغ.
قال رحمه الله: [ويباحُ استعمالُه بعدَ الدَّبغ في يابسٍ من حيوانٍ طاهرٍ في الحياة]: هذا على القول بنجاسته، فإننا إذا حكمنا بنجاسته على القول المرجوح؛ فإنه يجوز الإنتفاع به في اليابسات، دون المائعات عندهم؛ لأن المائعات لو وضعت في جلد الميتة ما الذي يحدث لها؟
الجواب: تتنجس، وأما على القول الراجح فإنه يجوز الإنتفاع بجلد الميتة المدبوغ في اليابس، والمائع؛ لأنه طاهر.
قوله رحمه الله: [ولبنها، وكلُّ أجزاءِها نجسة]: ولبنها نجس؛ لأن الله -عز وجل- حرم الميتة، ولم يفرق بين لبنها، ولا غيره، وهناك قول ببقائه على أصل الطهارة ما لم يحدث فيه تغيير في صفاته.