وكون الإناء محرماً لا تأثير له في الطهارة نفسها، ففي الصحيح من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلم قال: [لا يَقْبل الله صلاةَ أحدِكم إِذا أحدث حتى يتوضأ] فدل على أن من توضأ بصب الماء على أعضاء الوضوء بالصورة الشرعية أنه إرتفع حدثه، وهو هنا كذلك، فالجمهور رحمهم الله على أن طهارته صحيحة للنُّصوص الدّالة على صحتها، وهو آثم باستعمال آنية الذهب، والفضة؛ لمخالفته النهي المتضمن لتحريم استعمالها، وإتخاذها، فانفكّت الجهة بينهما، حيث لم يرجع النهي إلى ذات المنهي عنه، بل لشيء خارج عن ذاته، وهو الإناء، والوعاء، أما الماء المستعمل في الطهارة فهو باقٍ على الأصل الموجب لاعتبار التّطهر به صحيحاً.
وذهب بعض العلماء رحمهم الله إلى عدم صحة الطهارة، وهو قولٌ في مذهب الحنابلة ورجّحه طائفة منهم، ورأوا أن النَّهي يقتضي فساد المنهيِّ عنه، فيُحكم بفساد الطهارة من آنية الذهب، والفضة.
والذي يترجح في نظري، والعلم عند الله هو مذهب الجمهور لصحة ما ذكروه من دلالة الأدلة على اعتبار الطهارة، وصحتها، وإثمه بالمخالفة للنهي، وأن الجهة منفكة حيث لم يرجع النهي إلى ذات العبادة، وهي الغسل، والوضوء. والله أعلم.
قوله رحمه الله: [إلا ضبّةً يسيرةً] إلا أداة استثناء، والإستثناء: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ، فيكون المعنى أن الضَّبة اليسيرة من الفضة للحاجة جائزة.