قوله رحمه الله: [وأَكْثَرُ مُدّة النّفاسِ أَربعونَ يَوْماً]: شرع المصنف رحمه الله بهذه الجملة في أحكام دم النفاس، والنفاس: مأخوذ من النَّفْسِ، وتطلق النَّفْسُ في اللغة بمعان فيقال: نَفْسُ الشيء بمعنى ذاته، ومنه قولهم: رأيت محمداً نَفْسَه أي: بذاته، وتطلق النَّفْسُ بمعنى: الرّوح على خلاف بين أهل العلم هل هما بمعنى واحد، أو مختلفان، وتطلق النَّفْسُ بمعنى: الأخ، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (?)، وتطلق النَّفْسُ: على الدّم، ومنه ما ثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعائِشةَ رضي الله عنها لما حاضت بسرف: [مالكِ أنُفِسْتِ] أي هل أصابك دم الحيض؟ فلما كان الدَّمُ من أسمائه النّفْسُ؛ سُمّي النِّفاسُ نِفَاساً لذلك، من باب تسمية الشيء بسببه، والنفاس: هو (الدّم الذي يَخرجُ عَقيبَ الوِلادَةِ) فالمراد به دم الولادة، والفرق بينه، وبين دم الحيض أن دم الحيض دم مُعتاد، وهذا دم مخصوص بالولد يكون بعد خروجه من بطن أمه.
قال رحمه الله: [أَكثرُ النّفاسِ أربعونَ يَوْماً]: هذه مسألة خلافية، وللعلماء فيها قولان مشهوران:
القول الأول: الجمهور على أن أكثر النفاس أربعون يوماً، وهو قول عمر، وعثمان، وعلي، وعائشة، وأم سلمة رضي الله عنهم؛ وإستدلوا بما ثبت في الحديث الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: [كَانتِ النّفساءُ