وذهب بعض العلماء إلى أنه: يحرم عليه أن يطأها إلا إذا خشي العنت، والعنت: هو الزنا، يعنى إذا خشي الوقوع في الزنا له أن يطأ الزوجة، ولا حرج عليه في ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله واختارها جمع من أصحابه رحم الله الجميع.
واستدلوا بقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} فقالوا: إن المراد بالأذى وجود الدم في الفرج فيؤذي الزوج، وأجيب بأن تخصيص الآية لدم الحيض، دون غيره دليلٌ على أن المراد التحريم حال وجود الحيض، دون غيره بدليل قوله: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} فجعله أذى إلى غاية الطّهر، فلو كان دم الإستحاضة مثله لما قيّده بغاية الطهر لأن دم الإستحاضة يأتي بعد الطُّهر سواء كان الطُّهر حقيقة، أو كان حُكماً فصارت الآية دليلاً على الحلِّ؛ لا على التحريم.
ومما يؤكد ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عن حكم دم الإستحاضة، فلم يأمرْ مستحاضةً أن يعتزلَها زوجُها، ولا يجوز تأخيرُ البيانِ عن وقتِ الحاجةِ، فلو كان وطؤها حراماً لا يجوز إلا عند خوف الزِّنا لبيّنه عليه الصلاة والسلام، فلما لم يأمر باجتناب المستحاضة دلّ على أنها قد حلّت لزوجها بطُهْرِها من الحيض كما يقول الجمهور رحمهم الله.
قوله رحمه الله: [ويُسْتحبُّ غُسلُها لِكُلّ صَلاةٍ]: يعني إذا دخل عليها وقت كل صلاة؛ فإنها يستحب لها أن تغتسل، أي تغسل البدن، ولا يجب عليها ذلك؛ لظاهر ما ذكرناه من فعل فاطمة -رضي الله عنها وأرضاها-.