قال رحمه الله: [ومتى زالت الموانع فبلغ الصبي، وعقل المجنون، وأسلم الكافر، وتاب الفاسق؛ قبلت شهادتهم].
أي: متى زالت الموانع قبلت شهادتهم، فلو أن الصبي صار بالغاً قبلت شهادته، وهكذا المجنون إذا أفاق من جنونه قبلت شهادته؛ لأن ما شرع لعلة يبطل بزوالها، والسبب في رد الشهادة وجود هذه العلل، وقد زالت، فيزول الحكم برد شهادته إذا توفرت فيه شروط قبول الشهادة.
أما الفاسق فإنه إذا صلح حاله قبلت شهادته، فمثلاً: لو أنه قذف شخصاً وردت شهادته بالقذف، أو فعل معصية من المعاصي وثبتت عليه وحكم بفسقه، قالوا: يترك مدة حتى تثبت فيها استقامته، واختلف العلماء في ضابطها، فمن العلماء من قال: إذا تاب توبة ظاهرة واستقام أغلب الحول، بأن تمضي عليه أكثر من ستة أشهر وهو على براءة؛ حُكِمَ بعدالته، وإلا فلا.
وبناء على هذا القول: لو أنه ردت شهادته بالقذف، ثم صلح حاله وتاب ورجع عن شهادته؛ لم تقبل شهادته حتى يمضي عليه أغلب الحول.
والصحيح هو مذهب الجمهور، وهو أن من قذف وأقيم عليه الحد، وتاب عن القذف ورجع عنه قبلت شهادته، قال عمر رضي الله عنه لـ أبي بكرة: تب أقبل شهادتك.
وهذا يدل على أنه إذا تاب ورجع قبلت شهادته، وحينئذٍ فلا يشترط مضي مدة في المحدود بالقذف إذا قال: رجعت عن قذفي، فتقبل شهادته مباشرة، ويستثنى من هذا الأصل.
لكن لو زنى -والعياذ بالله- فظهرت عليه دلائل التوبة والاستقامة والرجوع إلى الله عز وجل، وأقيم عليه الحد كما لو كان بكراً وهو حي، فإذا مضت ثلاثة أشهر وشهد لم تقبل، بناء على أنه لم تمض مدة يستبرأ بها على الاستقامة والخير.