الشرط السادس: العدالة

قال رحمه الله: [السادس: العدالة] فلا تقبل شهادة الفاسق، والعدل: هو الشيء الوسط الذي بين الإفراط والتفريط، وهو القسط المعتبر الذي هو بين الغلو والإجحاف، والأصل أن العدل هو الذي يجتنب الكبائر ويتقي في غالب حاله الصغائر.

عدل الرواية الذي قد أوجبوا هو الذي من بعد هذا يجلب العدل من يجتنب الكبائر ويتقي في الأغلب الصغائر فإذا كان مجتنباً للكبائر ولا يصر على الصغائر فإنه عدل، وتقبل شهادته والدليل على عدم قبول شهادة الفاسق بل العدل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات:6].

فبين سبحانه وتعالى أن خبر الفاسق لا يقبل مباشرة، وهذا يدل على أنه ليس بحجة؛ فقد أمر بالتثبت والتوقف في خبر الفاسق، فدل على أنه لا يقبل، والفسق سواء كان بالأقوال كالقذف، أو كان بالأعمال كأكل الحرام، أو كشرب الخمر وتعاطي المخدرات والعياذ بالله! أو كان بالفعل كالسرقة والزنا، فكل هذا يوجب الحكم برد الشهادة.

والجمهور على أنه لا تقبل شهادة الفاسق من حيث الجملة، والحنفية على قبولها بشرط أن لا يكون فسقه مؤثراً في الشهادة، وهو فسق الكذب، قالوا: لأنه قد يكون الشخص فاسقاً بشرب الخمر، وهو من أصدق الناس ولا يكذب، وقد يكون فاسقاً بخلل ولكنه يضبط الشهادة ويحفظ ويصون، ولكن الجمهور قالوا: إن خلله في شيء لا يمنع من خلله في غيره، والأصل يقتضي عدم قبول شهادته كما ذكرنا، وعلى هذا فلا تقبل شهادة الفاسق.

لكن إذا فسد الزمان وقل وجود العدول وتعذر، فإنه تقبل شهادة أمثل الفساق، وهذا الأمر اختاره المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، وابن فرحون المالكي كما قرره في كتابه: (القضاء في تبصرة الحكام)، وبين أنه تقبل شهادة أمثل الفساق عند تعذر وجود العدول ويقبلها القاضي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015