بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب النذر] علاقة النذر باليمين علاقة قوية، حتى إن الشرع سوى بينهما في حال الإخلال، وجعل كفارة النذر كفارة اليمين، وهذا يدل على قوة التلازم بين الأيمان والنذور، وكثير من العلماء ذكروا باب النذر مقروناً بباب اليمين، وهذا لشدة التلازم بينهما.
والنذر هو: أن يلزم المكلف نفسه بما لم يلزمه به الشرع، ويكون في المعصية ويكون في الطاعة، ولكل حكمه، والأصل فيه الكتاب، حيث أثنى الله عز وجل على عباده فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان:7] والنبي صلى الله عليه وسلم أقر ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم، كما في قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأجمع العلماء على مشروعيته من حيث الجملة.
قال رحمه الله: [لا يصح إلا من بالغ عاقل ولو كافراً] أي: لا يصح النذر إلا من بالغ عاقل، أي: مكلف؛ لأن التكليف بالعقل والبلوغ، فلا يصح نذر الصبي ولا يصح نذر المجنون.
قوله: (ولو كافراً) الكافر يصح نذره؛ لحديث عمر بن الخطاب أنه نذر أن يعتكف ليلة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفي بنذره، وهذا يدل على صحة نذر الكافر.