وقوله: [فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به] أي: للشخص الذي يصال عليه دفع هذا الصائل بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، ومشروعية دفع الصائل ثبتت بها الأدلة الشرعية، أي: يشرع للمسلم أن يدفع عن نفسه وعرضه وماله.
وأجمع العلماء رحمهم الله على العكس: أي أنه لا يجوز للصائل أن يصول على دماء الناس، ولا على أعراضهم، ولا على أموالهم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد).
فحرم الاعتداء على هذه الأمور، وشرع للمسلم أن يدفع، ولذلك قال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] وإذا سكت الإنسان عن هذا الصائل، فمعناه أنه يسلم نفسه للهلاك، والله تعالى يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29] أي: لا تتعاطوا أسباب قتل النفس، فإذا سكت عن هذا الصائل فإنه سيقتله، ولا يجوز للمسلم أن يسكت عن الأسباب المفضية بنفسه إلى الهلاك، بل عليه أن يتعاطى الأسباب المنجية لنفسه من هذا الهلاك؛ ولذلك شرع له أن يدفع الصائل.
كذلك السنة أكدت هذا، ومن هنا قال رجل: (يا رسول الله! أرأيت إن جاء يريد أخذ مالي، قال: لا تعطه، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: أنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار) فأهدر دمه وأسقط حرمته لمكان الاعتداء، فدل على حق دفع الصائل؛ لأنه جعل دم الصائل هدراً.
وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون نفسه فهو شهيد) وهذا يدل على مشروعية دفع الصائل، وأن على المسلم نفسه أمانة أن يتقي الله عز وجل في حفظها بتعاطي أسباب صيانتها عن الهلاك.