المعتبر في توبة المحاربين قبل القدرة عليهم

والمراد بما قبل القدرة: أن يرجع هؤلاء قبل أن يتمكن منهم القاضي أو الحاكم.

ومن أهل العلم من قال: إنه يجب أن تكون توبتهم بعلم الإمام، فيرجعون إلى الإمام ويسقط الإمام عنهم ذلك فتصح توبتهم، وهذا أُثر عن أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين علي بن أبي طالب، أنه جعل توبتهم مشروطة بإسقاط الوالي أو القاضي أو الإمام، كما نص عليه واختاره بعض العلماء رحمهم الله.

والجمهور على أن توبتهم لا يشترط فيها أن يرفعوا أمرهم إلى الإمام، وإنما تكون توبتهم فيما بينهم وبين الله وفي ظاهر حالهم، فلو أنهم أسقطوا السلاح، ورجعوا إلى جماعة المسلمين، وظهرت عليهم أمارات الخير والاستقامة؛ فإنه يحكم بتوبتهم، ولا يشترط أن يرفعوا أمرهم، إذا ظهرت منهم التوبة والاستقامة قبل أن يتمكن منهم، وهذا هو الصحيح وهو مذهب الجمهور.

ثم إذا قلنا: إن العبرة في رجوعهم وتوبتهم بصلاح حالهم، فهل تشترط مدة معينة لابد أن تمضي حتى يظهر منهم أنهم صادقون في التوبة؟ وجهان للعلماء رحمهم الله، قال بعض العلماء: لا يسقط الحد عن المحاربين إلا إذا مضت عليهم مدة من الزمان، واختلفوا في تقديرها، هل هي نصف حول؟ أو هي حول؟ قالوا: الحول يضبط حال الإنسان؛ لأن الإنسان يتحول فيه من حال إلى حال، فإذا مضى عليهم سنة كاملة حكم بتوبتهم، ومنهم من يقول حتى يمضي عليهم أكثر السنة وهو ستة أشهر فأكثر.

والصحيح وهو مذهب الجمهور أنه لا يحد ذلك بزمان معين، وأن العبرة بإسقاطهم للسلاح ورجوعهم إلى جماعة المسلمين، وظهور التوبة عليهم ولو للحظة واحدة قبل أن يقدر عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015