قال المصنف رحمه الله: [قطع].
الحكم الشرعي أنه يجب قطع يده، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله، وإذا توافرت الشروط لم يجز تعطيل حد الله عز وجل.
ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: (إذا بلغت الحدود السلطان فلعنة الله على الشافع والمشفع)، ولما سرق الرجل رداء صفوان ورفعه صفوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعه؛ ما كان يظن صفوان أن الرجل ستقطع يده، فشفع له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (ما علمت أن يده ستقطع فقال: هلا كان هذا قبل أن تأتيني به) أي: أنه كان المفروض ألا تأتيني به؛ لأنك لو أتيتني به أقمت حد الله عليه.
ومن هنا قال المصنف: (قطع) أي: وجب القطع، وهو حد الله عز وجل، ومن أقام حد الله عز وجل فقد أطاع الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام، وتستقيم الأمة بتنفيذ حدود الله، وإقامة هذه الحدود، ويجب ألا تأخذ من يقيمها لومة لائم، وألا يبالي بسخرية الساخرين واستهزاء المستهزئين وإرجاف المبطلين، هذا كله لا يلتفت إليه؛ لأن الحكم لله الذي يحكم ولا معقب لحكمه سبحانه، والأمر أمر الله، والخلق خلق الله، يفعل بهم ما يريد، ويحكم فيهم ما يريد سبحانه وتعالى.
أجمع العلماء رحمهم الله أنه إذا توافرت الشروط يجب على القاضي الحكم بالقطع، ويجب على السلطان تنفيذ هذا الحكم، وألا يتدخل أحد في حكم الله عز وجل، وهذا الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لما ثبت عن المخزومية موجب القطع وجاءت قريش بقضها وقضيضها تشفع وتريد أن تسقط عنها العقوبة، وقدموا الأموال من أجل أن يردوا ما سرقته ويطيبوا خاطر المسروق منه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد هذه النعرات وهذه الحمية الجاهلية الممقوتة التي تعطل حدود الله عز وجل وتمنع من إقامة حق الله عز وجل، ردها بعبارة قوية شديدة، فقال: (والذي نفسي بيده -فأقسم بربه سبحانه الذي أنفس العباد بيده سبحانه- لو أن فاطمة بنت محمد -وحاشاها- سرقت لقطعت يدها) فأخرس ألسنتهم، وكف شفاعتهم، وردهم عليه الصلاة والسلام وأقام هذا الشاهد والمثال في أحب الناس إليه، الذي هو منه بضعة وقطعة، كما في الصحيح أنه قال: (إنما فاطمة بضعة مني) -أي: قطعة مني- يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها.
ومع ذلك يقول: (والذي نفسي بيده! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وهذا يدل على ما ذكره المصنف من ثبوت الحد وهو القطع.
وأجمع العلماء رحمهم الله: على أنه لا تجوز الشفاعة ولا يجوز تعطيل الحدود بالمماطلة والعبث بحق الله سبحانه وتعالى، بل الواجب تنفيذ هذا الحد.
والمراد باليد: من عند مفصل الزندين مع الكف، فيجب القطع من هذا الموضع، وسيأتي إن شاء الله بيان الضوابط الشرعية المعتبرة لتنفيذ هذا الحد وهذه العقوبة.