قوله: (وكان العفو على غير شيء فهدر).
إذا قال: عفوت عن الأصبع، فهذه صورة، وكل الذي ذكرناه فيما إذا قال: عفوت عن هذه الأصبع، ويبقى قوله: عفوت عن هذه الجناية، فإذا قال: عفوت عن الجناية فلا شيء له، حتى ولو سرت إلى البدن كله؛ لأنه لما قال: عفوت عن الأصبع، حدد عفوه بالعضو، وحينما قال: عفوت عن الجناية، فقد عفا عن الشيء وما يترتب عليه، ومن هنا لا يُعطى ولا يضمن، ولا يطالب الجاني بضمان سراية الجناية؛ لأنه عفا عن الجناية كلها، فلما قال: عفوت عن هذه الجناية يسقط حقه، وإذا قال: عفوت عن هذه الأصبع، فالتفصيل الذي ذكرناه، والخلاف الذي بيناه بين أهل العلم رحمهم الله تعالى في تلك المسألة.
قال رحمه الله تعالى: [وإن كان العفو على مال فله تمام الدية].
المصنف رحمه الله تعالى اختار أن العفو عن الأصبع عفوٌ عن جزء، ولكن إذا سرت إلى البدن فهو إتلاف مستأنف، وحينئذٍ تجب فيه الدية كاملة، فهذا الذي اختاره رحمه الله تعالى، واختاره أيضاً غيره من أئمة المذاهب رحمهم الله تعالى، وهو قوي جداً من حيث الحجة والدليل.