قال رحمه الله تعالى: [وإن اختارها أو عفا مطلقاً أو هلك الجاني فليس له غيرها].
أي: إن اختار الدية فليس له إلا الدية، بمعنى أنه لو قال: عفوت، ثم رجع وقال: أريد القصاص، فإنه لا يمُكن من القصاص؛ لأنه إذا قال: عفوت؛ سقط حقه في القصاص إلى الأبد، ولا رجوع عن هذا الحكم، وليس له إلا الدية إن اختارها.
قوله: (أو عفا مطلقاً) إذا قال: عفوت عنه، ثم رجع إلى القاضي وقال: أريد القصاص، فقال بعض العلماء: لا قصاص ولا دية، وقيل: لا قصاص ولكن له الدية؛ لأنه إذا عفا عن الدية ثم رجع فيكون مثل الهبة إذا وهب شيئاً ثم رجع فيه، فكأنه وهب الدية للقاتل، ثم رجع عن هبته، وهذا مذموم شرعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يأكل قيأه).
وقوله: (أو هلك الجاني) أي: لو أن شخصاً قتل عمداً عدواناً، ثم جاءته نقمة من الله تعالى فأخذه الله تعالى وأهلكه، فحينئذٍ لا يمكننا القصاص، لكن يبقى حق أولياء المقتول في الدية، وحينئذٍ تثبت لهم في تركته الدية، فتؤخذ من تركته.
وقوله: (فليس له غيرها) أي: ليس لولي المقتول غير الدية، وليس له القصاص، ولو قال: رجعت، وأريد أن أقتص، فإنه لا يعطى القاتل ولا يمكن من قتله.