حكم من بنى حائطاً فجاء شخص فدفعه على آخر فمات

لقد بينا أنه لو جاء شخص ودفع الحائط على غيره فقتله فإنه قاتل، ويبقى السؤال في الشخص الذي بنى حائطاً: هل عليه مسئولية؟ وهل عليه شيء؟

صلى الله عليه وسلم من العلماء من أطلق الحكم فقال: لا شيء عليه، ومن بنى حائطاً فمن حقه أن يبني؛ ولا شيء عليه، صحيح أن الحائط سبب في القتل والزهوق، ولكن المباشرة لفعل الجريمة أسقط حكم السببية، فإن القاعدة المعروفة تقول: (المباشرة تسقط حكم السببية)، وسنبين أن هذه المسألة فيها ثلاث صور، وهي اجتماع السببية والمباشرة: فتارة تقدم السببية، وتارة تقدم المباشرة، وتارة يجمع بين المتسبب والمباشر، وسيأتي -إن شاء الله- تفسيرها في صور السببية.

فالشاهد: أن من بنى الحائط إذا بناه وجاء شخص ودفعه، فإن الجريمة وقعت بالدفع ولم تقع ببناء الحائط، والقتل والزهوق حصل بالفعل المؤثر فيه وهو الدفع وليس بناء الحائط؛ لأن بناء الحوائط لا يقتل الأنفس، ولا يوجب زهوق الأرواح، ولذلك لا يؤثر.

لكن لو أنه بناه من أجل أن يقتل به الغير، فهذا فيه تفصيل في مسألة قتل الجماعة والاشتراك بتعاطي الأسباب؛ لأنه إذا اجتمع أشخاص على قتل شخص، فتارة تكون المباشرة من واحد والسببية من غيره، وتارة تكون المباشرة من اثنين وتكون السببية من أقل عدداً أو من عدد مساوي، وسيأتي تفصيلها -إن شاء الله- في قتل الجماعة.

وقوله رحمه الله: (يلقي عليه حائطاً) حائطاً: نكرة، والحائط: هو الجدار يكون من اللبن، ويكون من الحجر، ويكون من الأسمنت في زماننا، فهو قال: (يلقي عليه حائطاً) وعمم؛ لأن النكرة تفيد العموم، لكن التفصيل هو ما ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015