قال رحمه الله: [وما يصلحها] ومما يصلح شأن البهيمة: أنها في بعض الأحيان قد تحتاج إلى تنظيف بدنها بالغسل، أو إلى جز صوفها وشعرها، وأحياناً تقليم لأظفارها؛ لأنها تؤذيها أثناء مشيها، وأحياناً تحتاج إلى إصلاح في البدن نفسه إذا كانت مريضة أو عليلة، فعليه أن يتقي الله عز وجل فيها، وأن يقوم على رعايتها؛ فإن احتاجت إلى دواء أو علاجٍ قام على ذلك، وطلب من يعالج، لا يقول: هذه بهيمة والله يشفيها، بل إن هذه البهيمة نفس معذبة بالمرض والسقم، فيجب عليه أن يحسن إليها وأن يتعاهدها.
وقوله: (وما يصلحها) يشمل إصلاح كل شيء في الشارة والهيئة، وما يصلحها في مسكنها، فمثلاً: إذا كانت البهيمة في مسكنٍ قذرٍ وخيم يضرها ويؤذيها ويضر بصحتها، فإنه يسأل أمام الله عن ذلك.
وانظر حقوق الحيوان في الإسلام، وفقهاء الإسلام من فجر التاريخ الإسلامي يبينونها ويقررونها، حتى ذكروا كيف تسكن البهيمة، ولو نظرت في تفصيلات وكلام الفقهاء والعلماء رحمهم الله لتعجبت، وصدق الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] فهذا دين كامل من أصله.
فقد تكلم العلماء حتى على مسكن البهيمة، وفي فتاوى العلماء عندما يسألون عن هذا يقررون أنه لا يجوز تعذيب الحيوان لا في مسكنه ولا مطعمه ولا حاجته من دواء وإصلاح شارة وهيئة؛ حتى في المسير إذا سار بها فلا يعذبها ولا يرهقها، بل يريحها وقت الراحة ولا يحملها في الأسفار فوق طاقتها، بل حتى في الحضر، فكل هذا يدل دلالة واضحة على عظمة هذا الدين، ويدل دلالة واضحة على كماله ووفائه بحوائج الناس، حتى الحيوانات.
وحينئذٍ لا تحتاج الأمة الإسلامية أن يأتي من يتبجح أمامها أو يذكرها من غفلة أو يعلمها من جهل؛ فعندها في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته الغراء التي جمعت محاسن الأخلاق ومكارم الآداب ما يغني عن ذلك، قال الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف:43].