الحكم في نسيان غير المميزة لعادتها

قال المصنف رحمه الله: [فإن لم يكن لها تمييز، فغالب الحيض؛ كالعالمة بموضعه الناسية لعدده].

قوله: (كالعالمة بموضعه الناسية لعدده) سبحان الله العظيم! من دقة الفقهاء رحمة الله عليهم أنه من الممكن أن يجمعوا لك ثلاث مسائل في أصل وشبهه.

فالآن لما بين لك حكم المرأة الناسية، أدخل عليها كاف التشبيه، فقال: [كالعالمة بموضعه] فالآن أدخل لك صورتين: صورة الأصل التي نتكلم عليها، ومسألة النسيان.

قوله: [فإن لم يكن لها تمييز] لو قالت لك امرأة: العادة ليست لي عادة أو نسيت العادة بالكلية؟ فتقول: إذاً ميزي بلون او برائحة الدم؟ فإذا قالت: لا أستطيع أن أميز فإذا كان لا عادة لها ولا تمييز، رجعت إلى غالب الحيض.

فالدرجات عندنا كالآتي: أولاً: العادة، ثم يليها التمييز، ثم يليها الحكم بغالب الحيض.

هذا بالنسبة لأحوال المرأة المستحاضة.

قال المصنف رحمه الله: [كالعالمة بموضعه الناسية لعدده].

ردها إلى غالب الحيض، ثم أدخل مسألة العالمة بموضعه الناسية لقدره، وأيضاً العالمة بقدره الناسية لموضعه، أو الناسية لكلا الأمرين.

قال المصنف رحمه الله: [وإن علمت عدده ونسيت موضعه من الشهر].

كأن تقول: أنا أعلم أني أحيض ستة أيام، ولكن نسيت هل في أول الشهر أو في آخر الشهر.

(وإن علمت عدده، ونسيت موضعه من الشهر ولو في نصفه جلستها من أوله كمن لا عادة لها).

قوله: (ولو من نصفه) كما قدمنا الإشارة إلى الخلاف في ذلك.

قوله: (ولو من نصفه جلستها من أوله) فلو قالت لك: أنا أعلم أن القدر ستة أيام، ولكن لا أعلم الموضع؛ فإنها: ترد إلى أول الشهر مطلقاً.

والصحيح كما قلنا مذهب التفصيل: فإذا جهلت هل هو في النصف الأول أو الثاني فإننا نردها إلى أول الشهر، ما الدليل؟ أنه بدخولها في أول الشهر والدم معها فالأصل فيها أنها حائض، فنبقى على اليقين؛ لأن اليقين لا يزول بالشك.

فالأصل في الدم أنه دم حيض، وبناءً على ذلك قالوا: نحكم بكونها حائضاً بدخول أول الشهر، لكن قال: (ولو في نصفه) يعني: ولو وقع الشك في النصف الثاني، قال: (جلستها من أوله).

وقلنا: هذا مذهب مرجوح، والصحيح: أنها يفصل فيها على نصفه الثاني دون أوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015