قوله: [أو فطر يجب كعيد].
أي: أو تخلله فطر يجب، صورة المسألة: أن يصوم شهرين متتابعين، ثم يجب عليه أن يفطر مثل ما ذكرنا لدخول يوم عيد؛ لأن يوم العيد يجب الفطر فيه، إذاً تلاحظ أن صوم رمضان صوم يجب لشهر، ويوم العيد فطر يجب ليوم عيد الأضحى ويوم عيد الفطر.
قوله: [وأيام تشريق].
أيام التشريق اختلف في صومها، وقد تقدمت معنا هذه المسألة في كتاب الصيام، وأن من العلماء من منع من صوم أيام التشريق، والحقيقة أنه لا إشكال أن الحجاج لا يصومون أيام التشريق؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح عنه: (أيام منى أيام أكلٍ وشرب وبعال)، فبين عليه الصلاة والسلام أنها أيام فطر، وهذا الأصل فيه أن يكون للحاج، لكن بعض العلماء ألحق غير الحاج بالحاج، فجعلها أيام ضيافة لعموم الأمة توسعة من الله عز وجل على العباد.
فمن قال بالخصوص منع من صومها للحاج، ومن قال بالعموم منع من صومها مطلقاً، سواء كان حاجاً أو غير حاج، والأشبه والأصل الذي يقتضي أنها خاصة بالحاج.
ومما يدل على أنها خاصة بالحاج، قوله عليه الصلاة والسلام: (أيام أكل وشرب وبعال)، لأن الحاج كان ممنوعاً من جماع أهله، أما الحلال فلا يقال له: (أيام أكل وشرب وبعال)، لأنه لما نص على البعال دلّ على التحلل الأكبر الذي يحصل بطواف الإفاضة، فنبه أنهم لما طافوا طواف الإفاضة يوم النحر حل لهم النساء، وحل لهم كل شيء، فهم فيها في ضيافة الله عز وجل.
قوله: [وحيض].
فلو أن امرأةً وجب عليها أن تصوم شهرين متتابعين، كفارة قتل أو جماع في نهار رمضان حيث كانت مطاوعة -كما تقدم معنا- فصامت ثم جاءها الحيض، فإن جاءها الحيض لم يقطع تتابعها، بحيث لو كانت عادتها ثمانية أيام فصامت شهر محرم، وجاءت الثمانية الأيام أثناء محرم؛ فإنها تفطر أيام الحيض فقط، ثم بعد ذلك تصوم من بعدها؛ لأنه لا يتيسر من المرأة أن تصوم الشهرين المتتابعين، إلا بتخلل للعادة؛ لأن الله جعل للمرأة أن تحيض في كل شهر مرة كما تقدم معنا في كتاب الحيض.
قوله: [وجنون].
لو أنه وجبت عليه كفارة فعجز عن الرقبة، فصام شهرين متتابعين، فابتدأ في محرم فصامه، ثم جُنّ ثم أفاق في ربيع، فحينئذٍ يبني على صومه السابق، وهو حال جنونه ساقط عنه التكليف، ثم إذا رجع له التكليف؛ يرجع مخاطباً بالأصل من إتمام العدة التي أوجب الله عليه، فيصوم ما بقي.