قال رحمه الله: [فإن تخلله رمضان أو فطر يجب كعيد وأيام تشريق وحيض وجنون ومرض مخوف ونحوه، أو أفطر ناسياً أو مكرهاً أو لعذر يبيح الفطر؛ لم ينقطع].
يلاحظ أن الله تعالى أطلق الشهرين، ومن هنا لا يخلو الصائم للشهرين من حالتين: الحالة الأولى: أن يصوم من ابتداء الشهر، فإذا صام من ابتداء الشهر؛ فإنه إذا تبين أن الشهر ناقص فصومه تام، فلو مثلاً صام المحرم وصفراً، وكان المحرم تسعة وعشرين يوماً، فإنه يحكم بصحة صومه وإجزائه؛ لأنه صام شهرين متتابعين.
الحالة الثانية: أن يصوم ستين يوماً إذا كان صومه أثناء الشهر، فإذا ابتدأ في العاشر من محرم فإنه يتم ستين يوماً تامةً كاملة، وقال بعض العلماء: إنه لو ابتدأ في العاشر من محرم اعتد بالعاشر في الشهر الذي يتم فيه الشهرين، فحينئذٍ من العاشر محرم إلى العاشر من صفر شهر، ومن العاشر من صفر إلى العاشر من ربيع الأول شهر، فلو كان شهر محرم ناقصاً وصفر ناقصاً؛ فإنه سيصوم ثمانية وخمسين يوماً، فيعتد الابتداء.
ولكن هذا المذهب محل نظر، والصحيح: أنه إذا ابتدأ من بداية الشهر أجزأه الشهر ناقصاً وكاملاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة)، والمراد بهذا أن الشهر إذا كان تسعاً وعشرين، فإن الله يكتب للصائم أجر الثلاثين، وقال: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا)، فعقد ثلاثين في المرة الأولى، وخنس الإبهام في المرة الثانية، أي: يكون تسعة وعشرين وثلاثين، لكن نعتبر الشهر تسعة وعشرين إذا ثبت في الهلال أنه ناقص؛ لكن إذا ابتدأ أثناء الشهر؛ فإننا نلزمه بستين يوماً، فالأصل في الشهر أنه ثلاثون يوماً.
وبناءً على ذلك تقول: من صام شهرين متتابعين في كفارة الظهار أو القتل أو غيرها من الكفارات كالجماع في نهار رمضان، فإن ابتدأ من ابتداء الشهر، اعتد به ناقصاً أو كاملاً، وإن ابتدأ أثناء الشهر أتم ستين يوماً ولو كان الشهران أو الثلاثة فيها نقص.