قال المصنف رحمه الله: [وإن قال: إن شئت وشاء أبوك أو زيدٌ، لم يقع حتى يشاءا معا، وإن شاء أحدهما فلا]: هذا من التسلسل والترتيب المنطقي في الأحكام، يبين أول شيء: مشيئتها، وثانياً: إذا أسندت مشيئتها إلى الغير، وثالثاً: إذا وقعت المشيئة مشتركة، يعني: أن يقول لها: إن شئت وشاء فلان؛ لأننا قلنا: إما أن يسند لمشيئة الله أو مشيئة غيره، ومشيئة غيره إما أن تكون مفردة كأن يقول: إن شئتِ، ثم تأتي الصورة الأخرى أن تقول: قد شئتُ إن شاء فلان، قد شئتُ إن شئتَ، فهي مركبة لكنها مبنية على الصورة الأولى، والصورة الثانية: أن تكون مشتركة، فيسند المشيئة لأكثر من واحد فيقول لها: إن شئتِ وشاء أبوك، إن شئتِ وأبوك، إن شئتِ وأخوك، وهكذا، فإذا أسند المشيئة إلى اثنين أو ثلاثة، فللعلماء وجهان: أصحهما وهو مذهب الجمهور: أنه لا يقع الطلاق إلا إذا شاءا معاً، فتقول: قد شئتُ، ويقول الآخر: شئت، فإذا شاءا معاً فإنه حينئذٍ يقع الطلاق، وإن شاء أحدهما ولم يشأ الآخر فإنه لا يقع الطلاق، وهذا هو الصحيح؛ لأن الواو تقتضي الجمع والتشريك، فلما أسند المشيئة إلى شخصين فإنه لا يقع الحكم ولا يقع الذي اشترطه من الطلاق إلا بوقوع المشيئة من الاثنين معاً، فإذا وقعت من أحدهما فلا يعتد بمشيئة ذلك الواحد حتى تقع المشيئة منهما جميعاً على الوجه الذي اشترطه.