قال المصنف رحمه الله: [وإن بدأتك بكلام فأنت طالق، فقالت: إن بدأتك به فعبدي حر، انحلت يمينه ما لم ينو عدم البداءة في مجلس آخر].
(إن بدأتك بكلام فأنت طالق، قالت هي: إن بدأتك بالكلام فعبدي حرٌ) إذاً كلٌ منهما قد اشترط شيئا، الرجل يشترط الطلاق إذا ابتدأها بالكلام، وهي تشترط العتق إذا ابتدأته بالكلام، فهو حينما قال لها: إذا ابتدأتك بكلام فأنت طالق، هذه الصيغة فيما بينه وبين الله أن زوجته طالق إن كان هو المبتدئ أولاً بالكلام، فلما تكلمت بعد الصيغة أسقطت هذا الحلف، وأسقطت هذا التعليق؛ لأنها ردت عليه وقالت: إن بدأتك، ولما ردت عليه سقطت البداءة منه، وفي هذه الحالة لا يتحقق شرطه، ويحكم برفع الصيغة، ولا يقع الطلاق، ولا يحكم بوقوعه إلا إذا قصد البداءة في مجلس آخر، مثلاً قال لها: لا تكلميني في الغرفة، قالت: وأنت لا تكلمني في الغرفة، قال: إن بدأتك بالكلام في الغرفة فأنت طالق، قالت: وإن بدأتك بالكلام في الغرفة فعبدي حر، في هذه الحالة الكلام وقع قبل المحل المعتبر بالشرط، فننتظر حتى يدخلا الغرفة، ثم من بدأ منهما وقع عليه ما اشترطه.
وبهذا يفرق بين أن يقول: إن بدأتك بالكلام فأنت طالق، يعني: بعد كلامي هذا، فإذا قالت له: إن بدأتك، أسقطت البداءة كما في الصورة الأولى، وبين أن يقصد مجلساً آخر مثل ما ذكرنا في الصورة الثانية، أو يقصد موضعاً آخر أو زماناً آخر، مثلاً: قال لها: لا تكلميني عند أبي، قالت: وأنت لا تتكلم عند أبي، قال: إن بدأتك بالكلام فأنت طالق، قالت: وإن بدأتك بالكلام فعبدي حر، معناه: عند حضور الوالد، وحينئذ يبقى الاثنان أخرسين وإلا وقع الطلاق ووقع العتق، فتسكت ويسكت، فأيهما خاطب الثاني فإنه يُحكم عليه بما التزم به، إن كان الرجل فطلاق وإن كانت المرأة فعتق، هذا بالنسبة لمسألة تعليق الطلاق على الكلام.